\ سارة خليل \
التعامل مع الأشخاص المحيطين بنا من أهم الأشياء التي يجب أن نحرص عليها في سلوكنا اليومي، فالإنسان لا يستطيع العيش بمنأى عن البشر كونه كائنًا اجتماعيًا، لذلك فإن من الأشياء الأساسية في حياته هي قدرته على التواصل مع من حوله بحكمة، وهذا ما نُسميه بالذكاء الاجتماعي، وهو مصطلح يعبر عن قدرة الشخص على إدارة علاقاته مع الآخرين، وحسن تصرف الإنسان في تعاملاته مع من حوله، وقدرته على كسب حبهم ومودتهم، وكذلك كسب احترامهم له. وهو ما يجعله مُحاطًا بالكثير من الناس، ويستطيع معهم تكوين العديد من الصداقات، وهذه الصفة لا تولد مع الإنسان، ولا تشترط كونه شخصًا اجتماعيًا أو انطوائيًا، بل هى صفة يمكن أن يكتسبها الإنسان في حياته، ومن خلال بعض الأمور التي يجب أن يحرص عليها في علاقاته مع من حوله.
في هذا المقال نخبرك ببعض تلك الأمور، التي من خلالها تستطيع اكتساب صفة الذكاء الاجتماعي، والتعامل الجيد مع الأشخاص في حياتك.
هذه أفضل الطرق على الإطلاق لفهمك مشاعر من حولك، وتقدير عواطفهم وانفعالاتهم التي يتعرضون لها في المواقف المختلفة، فلا تحكم على سلوك شخصٍ ما قبل أن تفهم دوافعه في فعل ذلك السلوك، فنحن جميعًا بشر، نمتلك تلك المنطقة الرمادية في شخصياتنا، وبداخل كلٍ منا الطيب والشرير، ولكن كثيرٌ من الناس في وقتٍ ما يعودون لفطرتهم الطيبة التي خُلقوا عليها.
لذلك أي سلوك يفعله الإنسان سيكون وراءه دافعًا قويًا بالنسبة له، وأسرع طريقة لتخترق قلبه وتجعله يحبك ويريد الاحتفاظ بعلاقته معك، هو أن يُدرك بأنك تشعر به، ولا تحكم عليه بشكلٍ سيئ، وتتفهم بأن دوافعه هى من تتحكم به.
الشخص الذي يتمتع بذكاء اجتماعي هو من يوازن العلاقات في حياته وفق أهميتها، فأقرب دائرة علاقات لك، هي علاقتك مع الله سبحانه وتعالى، ثم علاقتك بنفسك، ومن ثم علاقتك بأسرتك، والديك وأخوتك وأولادك وشريك حياتك، ثم علاقتك بأصدقائك المقربين، ومن ثم علاقتك بزملاء العمل أو الدراسة، وأخيرًا علاقتك بباقي البشر ممن لا تعرفهم.
ولهذا يجب أن تحسن من علاقتك وفق أهميتها ودرجة قربها منك، وذلك سيجعل حياتك متوازنة وصحية، وسيساعدك على الشعور بالرضا، وعدم التقصير في مهامك وواجباتك تجاه من حولك.
ويحدث ذلك من خلال التوسع في أنشطتك الاجتماعية والثقافية، ومعرفة المزيد من الأشخاص، حيث أن معرفة الناس بمختلف ثقافاتهم وعاداتهم، يزيد من قدرتك على التواصل، ويجعلك تكتسب خبرات حياتية وإنسانية كثيرة، ويمكنك فعل ذلك من خلال المشاركة في نشاط فني أو ثقافي تحبه مثل: الموسيقى أو الرسم أو القراءة، أو التطوع في جمعيات ومؤسسات خيرية، وذلك الأمر سيزيد من شعورك بالآخرين من خلال مساعدتك للمحتاجين، والتأثير فيهم بشكل إيجابي.
القراءة تجعل لديك اطلاع على كل ما هو جديد، ومعرفة بكثير من الأمور، وتجعلك تفهم الثقافات المختلفة ووجهات النظر الأخرى، وتساعدك على فهم الآخرين واحترام اختلافهم عنك، كل هذه الأمور تجعل لك كاريزما وجاذبية، وتزيد من ذكائك الاجتماعي بشكلٍ كبيرٍ جدًا.
الناس ليسوا متساويين في مستوى ثقافتهم أو تعليمهم، لهذا عليك تفهم ذلك الأمر، والتواضع في تعاملك مع الآخرين، والتعامل مع كل إنسان وفق ثقافته وفهمه للأمور، فالتعامل مع الأستاذ الأكاديمي لن يكون مثل التعامل مع بائع متجول بسيط، فكلاً منهم له مصطلحاته ووسيلته في التعبير التي تميزه ويفهمها، لهذا عليك فهم ذلك والتعامل مع كل منهم وفق هذه الطبيعة، قد يبدو الأمر صعبًا نوعًا ما في البداية، لكنه سيأتي مع كثرة اختلاطك بالناس من طبقات وثقافات مختلفة، ومع حُسن استماعك لهم والإنصات لحديثهم، وإذا وجدت نفسك قادرًا على فعل ذلك، فأنت الآن أصبحت تتمتع بذكاء اجتماعي حاد.
عندما تتحدث مع الآخرين عليك أن تكون لطيفًا في استخدام كلماتك ومصطلحاتك، فلا تتفوه بكلام قاسي يؤذي مشاعرهم، واختر الكلمات الإيجابية التي تترك أثرًا طيبًا لديهم، وابتعد عن المقارنات أو الاستخفاف بهم وبمشاعرهم والسخرية منهم، لأن ذلك سيجعلهم ينفرون منك، ولا يحبون التعامل معك مرة أخرى.
من أهم ما يميز الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء اجتماعي هو ابتسامتهم التي لا تفارق وجوههم، والطاقة الإيجابية التي يصدرونها لكل من حولهم، فالابتسامة هي بوابتك لاختراق القلوب، وأفضل شيئ يساعدك على التعرف على الناس وكسب صداقتهم وحبهم لك.
حاول أن تتذكر أسماء الناس ووجوههم، فذلك يجعلهم يشعرون بتقديرك لهم، وبأنهم أصحاب مكانة مميزة في قلبك، وكذلك احرص على تقديرك لأفعالهم وشكرهم عليها، وتجنب الحديث عن الأمور الخاصة التي تحرجهم، وامنحهم المساحة للحديث عن أنفسهم وليس عنك فقط، وبذلك ستكتسب مهارة وصفة الذكاء الاجتماعي، وستصبح محبوبًا بين الناس من حولك.
