رحلة إلى اسطنبول

7 سبتمبر / 2021

Spread the love

يعاني معظم محبي السفر والسياحة في العالم حاليًا من محدودية القدرة على السفر، جوًا أو بحرًا أو برًا، بسبب فايروس كورونا المستجدّ والتدابير التي تتبعها دول العالم أجمع لمحاولة الحدّ من انتشار العدوى.

وفي هذا الوقت، سأحاول في مقالاتي حول السفر أن آخذك في رحلة على بلدان ومدن زرتها في السابق، علّها تكون واحدة من الوجهات التي قد تزورها حين تتسنّى لك الفرصة.

وستكون مدينة اسطنبول التركية موضوع المقال الأول لي على هذا الموقع. فهي الوجهة الثانية لي خارج لبنان من بعد الأردن.

مدينة اسطنبول مدينة رائعة الجمال وذات تاريخ عريق وطويل، ترضي جميع الأذواق وجميع أنواع المسافرين من مختلف الأعمار ومع مختلف الاهتمامات من مشاهدة الأماكن التاريخية المعروفة، ولمحبّي البحر، والمناظر الطبيعية، والتسوّق، والتنزه، والمطاعم وفنّ الطهو وحسن الأكل، والحياة الليلية، وحتى أنّ المدينة لا تخلو من الأماكن الخاصة للأطفال.

ما هي مواقع الفنادق الفضلى للإقامة؟

اسطنبول مدينة ضخمة وفيها مواقع جذب في مناطق مختلفة وبعيدة عن بعضها البعض أحيانًا. ولكن لعلّ أفضل مكان للإقامة هناك خلال العطلة هي منطقة ساحة “تقسيم”، فهذه المنطقة المركزية متصلة بشارع الاستقلال للمشاة الذي يعجّ بالمطاعم، والقهاوي، والمحلات التجارية، والذي يستيقظ في وقت مبكر من الصباح ولا ينام قبل ساعات الفجر الأولى. ومنطقة تقسيم هي أيضًا على مسافة مشي قصيرة من مواقع انطلاق المراكب والسفن على ضفاف البوسفور.

ولكنّ هذه ليست المنطقة الوحيدة التي يمكن البقاء فيها، فهناك فنادق متوفرة في كلّ أرجاء المدينة، في منطقة السلطان أحمد مثلاً القريبة من الجامع الأزرق، وقصر توبكابي، هاجيا صوفيا، والبازار. وهناك فنادق أخرى متوفرة قرب البوسفور، وقرب مطارات المدينة.

 

المواقع الي يجب زيارتها

لن أطيل المقدمة هنا، ولكنني على يقين أنّ اسطنبول ترضي الأذواق كلّها، من محبي التاريخ والتراث والحضارة، إلى محبّي التسوّق، ومحبّي البحر والطبيعة والحياة الليلية.

  • ساحة تقسيم وشارع الاستقلال

تدلّ كلمة تقسيم بالتركية على المعنى نفسه باللغة العربية، أي تقسم أو توزيع، وكانت الساحة النقطة التي تمّ فيها تجميع خطوط المياه الرئيسية من شمال اسطنبول لتوزيعها على أجزاء أخرى من المدينة. وتعتبر الساحة حالياً محور النقل الرئيسي في المدينة ومكانًا شعبيًا للسياح وللسكان المحليين.

ويبدأ شارع الاستقلال، وهو شارع تسوّق طويل للمشاة، من هذه الساحة ويمتدّ على مسافة حوالى كيلومترًا ونصف، ويضمّ عددًا هائلاً من المحلات التجارية، والمطاعم، والقهاوي، والمقاهي، فضلاً عن الباعة المتجولين. وعادة ما يعج شارع الاستقلال بالناس من ساعات الصباح المبكر حتى ساعات الليل المتأخرة.

ويمرّ في الشارع أيضًا الترامواي القديم الذي يبدأ من ساحة تقسيم ويتنهي في آخر شارع الاستقلال.

هذا أحد الأماكن التي يمكن زيارتها في أيّ ساعة في اليوم، كلّ يوم خلال الإقامة في المدينة.

  • الجامع الأزرق

إنه جامع السلطان أحمد، والمعروف باسم الجامع الأزرق، هو برأيي من أجمل الجوامع التي زرتها، بُني بين العام 1609 و1916، خلال حكم السلطان أحمد الأول من العصر العثماني. وتتزيّن جدرانه الداخلية بأكثر من 20 ألف بلاطة من السيراميك الأزرق المرسوم يدويًا مع تصاميم مختلفة لزهرة التوليب. وكان يعتبر الجامع الثاني للمدينة بعد آيا صوفيا التي تقع إلى جانبه.

يمكن زيارة الجامع في أيّ وقت خلال اليوم باستثناء أوقات الصلاة حيث يسمح للمصلين فقط بالدخول.

  • آيا صوفيا

لعلّ آيا صوفيا هي من أشهر المواقع السياحية في اسطنبول مع تغيّر استخداماتها مرات عدّة عبر التاريخ، لتصبح موضع جدل مؤخرًا أيضًا. وقد بينت في العام 537 لتكون كتدرائية مسيحية في عهد الأمبراطور الروماني جستينيان الأول، واعتبرت جوهرة العمارة البيزنطية. وفي العام 1204، حوّلها الصليبيون إلى كتدرائية كاثوليكية وثمّ عادت إلى كونها كتدارائية أرثودكسية شرقية مع استعادة الأمبراطورية البزنطية أراضيها من الصليبيين في العام 1261. وفي العام 1453، أتى الفتح العثماني ليحوّل المبنى إلى مسجد جامع، وبقي على هذه الحال قرابة 500 سنة وتمّ تحويله إلى متحف لجمهورية تركيا العلمانية في العام 1935. وفي أوائل تموز/يوليو 2020، وفي خطوة مثيرة للجدل، ألغى مجلس الدولة القرار القاضي بتحويل المبنى إلى متحف وتحديد المبنى على أنه جامع. وأقيمت أول صلاة جمعة في مسجد آيا صوفيا في وقت لاحق من الشهر نفسه.

  • قصر توبكابي

يقع القصر على مسافة قصيرة من آيا صوفيا والجامع الأزرق، حيث يمكن زيارته مع المبننين الآنفين الذكر، في اليوم نفسه، فضلاً عن البازار الكبير ومنطقة التسوق المجاورة. وقد بني القصر في العام 1478 وهو يعتبر من أكبر وأقدم قصور العالم. وقد قضى فيه سلاطين السلطنة العثمانية حوالى 400 سنة حين كانت اسطنبول عاصمة السلطنة. وفي العام 1924، تمّ تحويله إلى متحف للزوار والسياح. وفي المتحف عدد كبير من الكنوز النادرة، بما في ذلك قطعة الماس الأكثر قيمة في العالم.

  • البازار

يقع البازار في حيّ الفاتح وهو الحي المجاور لحيّ السلطان أحمد حيث تقع الأماكن الثلاث المذكورة أعلاه. والبازار الكبير الذي بني ابتداءً من العام 1455، هو بمثابة متاهة عملاقة من حوالى 60 ألف شارع تسوّق تضمّ أكثر من 3000 متجر حيث يمكن شراء التذكارات الفريدة والحرف اليدوية المحلية، والسلع العتيقة، والمجوهرات، والملابس، وغيرها. كما يمكن تناول بعض الوجبات التركية السريعة. والبازار جنة لمحبي التسوق والمفاصلة.

  • قصر دولما بهتشة (قصر السلاطين)

شيّد هذا القصر كمحاكاة لأبعاد القصور الأثرية الأوروبية بين عامي 1843 و1855 وله واجهة بطول حوالى 600 متر على الساحل الأوروبي للبوسفور وهو كان المركز الإداري الرئيسي للسلطنة العثمانية بين 1855 حتى 1922. وفي جولة داخل القصر، يمكن الاستمتاع بمشاهدة الزينة الثرية والفخمة، كما يمكن زيارة الغرفة التي أمضى فيها مصطفى كمال أتاتورك آخر أيامه، والتي تقع في الحرملك. ويمكن أيضًا التنزه في حدائق القصر الكثيرة والجميلة.

ويقع مرفأ صغير بالقرب من القصر، فيمكن بعد زيارة القصر القيام بجولة في مضيق البوسفور لمشاهدة اسطنبول من البحر.

  • رحلة في البوسفور

لرؤية بانورامية مذهلة للمدينة، يمكن القيام بالرحلة المائية في مضيق البوسفور الذي يربط البحر الأسود وبحر مرمرة. ويمكن خلال الرحلة مشاهدة المدينة من وجهة نظر المضيق الفاصل بين الجهة الآسيوية والجهة الأوروبية، ومشاهدة الجسور المعلقة، وربما زيارة بعض الأماكن على جهتي المضيق.

هناك أنواع مختلفة من الرحلات التي يمكن القيام بها في البوسفور، وذلك بحسب الذوق والاهتمامات، فيمكن القيام برحلة قصيرة وسريعة لمشاهدة المدينة، أو القيام برحلة طوال اليوم مع زيارة قرى صغير على ضفاف البوسفور.

  • أورتاكوي

يمكن زيارة منطقة أورتاكوي في اليوم نفسه من القيام برحلة البوسفور، فمن هناك يمكن مشاهدة أحد الجسور التي تربط آسيا بأوروبا، وزيارة جامع أورتاكوي، وبازار أورتاكوي، والاستمتاع بالوجبات التركية اللذيذة في المطاعم والمقاهي المطلة على البوسفور.

  • برج الفتاة

إنه برج صغير على جزيرة صغيرة في البوسفور، ويحكى أنّ سلطانًا أحبّ ابنته حبًا جمًا، ولكنه قد راوده حلم أنّه في عيد ميلادها الثامن عشر، ستلدغها أفعى وتقتلها. فما كان من الرجل إلّا إبعاد ابنته عن اليابسة عبر أنشاء هذه الجزيرة مع برجها لمحاولة منع احتمال وصول الأفعى إليها. وهل  نجح بذلك؟ ما عليك سوى زيارة البرج لمعرفة الإجابة.

  • برج غلطة

إنه من أقدم وأجمل أبراج تركيا. وقد بني في العصور الوسطى في منطقة غلطة. ويمكن تسلق البرج لمشاهدة اسطنبول بمشهد بانورامي. ومن الجميل أيضًا الجلوس في أحد القهاوي المجاورة للبرج خلال الليل والاستمتاع بجماله مع الإنارة الفريدة.

  • جزر الأميرات

تبعد جزر الأميرات التسع حوالى ساعة ونصف من موانئ اسطنبول. إنها جزر رائعة الجمال، خالية من السيارات وتكثر فيها العربات التي تجرها الخيول. ويمكن التنزه في شوارع الجزر أو الاستمتاع بشواطئها الخلابة وتناول المأكولات المحلية اللذيذة.

يمكن تمضية نهار كامل فقط في الجزر أو تمضية عطلة نهاية أسبوع أو بضعة أيام هادئة في الجزر.

  • مناطق التسوّق والمراكز التجارية

تعتبر مدينة استطنبول جنة لمحبي التسوق، فهي تسخى بمناطق التسوّق المختلفة والمتنوعة، الحديثة والقديمة. فللتسوق الفاخر، يمكن الذهاب إلى شارع نيشان تاشي حيث يمكن إيجاد الماركات العالمية الفاخرة.

وهناك عدد كبير من المراكز التجارية الضخمة، ونذكر منها: Istinye Park وZorlu Center، وForum Istanbul Alisveris Merkezi، وMall of Istanbul، وKanyon Shopping Center، وغيرها.

  • أماكن مثالية للأطفال

اسطنبول مناسبة للسفر مع العائلة والأطفال بما أنها تقدّم تشكيلة واسعة من الأنشطة في أماكن مثل ما يلي: Miniaturk، وSEA LIFE Aquarium، وVialand، وKidzania، وغيرها.

تؤمّن هذه الأماكن مساحة آمنة للمرح واللعب والتعلم.

بعض النصائح البسيطة

  • من الأسهل السفر إلى مطار صبيحة حاليًا، بما أنّه أقرب من مطار اسطنبول الجديد إلى المدينة.
  • للنقل غير المكلف من المطار (صبيحة ومطار اسطنبول)، هناك باصات تنطلق كلّ نصف ساعة من وإلى المطارات وساحة تقسيم.
  • عند التسوّق في أسواق المدينة الشعبية، المفاصلة على الأسعار قد توفّر عليك الكثير من المال.
  • لا تتردد في شراء عصير الرمان الطازج الذي يباع في مختلف أنحاء المدينة القديمة.
  • هناك ماركات ثياب تركية محلية جيدة جدًا وزهيدة الثمن.
  • البضائع المصنوعة من الجلد، مثل السترات، والمعاطف، والحقائب، هي ذات جودة عالية وبأسعار أقلّ من بلدان أخرى.

 

 


سأخبرك القليل عن نفسي. أنا مولع بالسفر، وبالطائرات، ومجرّد الذهاب إلى المطار والنظر إلى طائرة من الخارج، يضعني في مزاج سعيد. لقد سافرت إلى بلدان ومدن كثيرة بداية من الدول العربية، والآسيوية، الأوروبية، وقليل من الدول عبر المحيط الأطلسيّ. وقد تأثرت بالحظر على السفر في زمن كورونا بشكل كبير، وتخايل أنّني، وللمرة الأولى، أمضيت حوالى ثلاثة أشهر من الدون السفر إلى أيّ مكان.

وفي البداية، كانت بيروت مركز انطلاق رحلاتي، وبعد ذلك انتقلت للعيش في هولندا وأصبحت أمستردام مركز بداية رحلاتي الطويلة والقصيرة.

 

 

مقالات سابقة من:

الوجه الحزين للسياحة في تايلندا…رحلة إلى بتايا

منازل أمستردام المنحنية