ظاهرة الفساد في العالم العربي

8 يوليو / 2019


Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home/u759968334/domains/almaqala.net/public_html/wp-content/plugins/sitepress-multilingual-cms/sitepress.class.php on line 4222

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home/u759968334/domains/almaqala.net/public_html/wp-content/plugins/sitepress-multilingual-cms/sitepress.class.php on line 4222
Spread the love

الفساد آفة خطيرة استشرى لهيبها، وانتشر داؤها في العالم العربي انتشار النار في الهشيم، وتفشَّى سرطانها في أعصاب الحياة المجتمعية؛ فَشَلَّ أركان النهوض والتنمية وخرّبها، وساهم في تراجعها وتقهقرها على سلم مؤشر التنمية البشرية، وهكذا، أضحت الدول العربية في أسفل القائمة، سواء على مستوى الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو الإدارة…

لا شكّ في أنّ الفساد مشكلة عالمية

ربما يكون الفساد من أكبر المشاكل العالمية التي تطال المؤسسات المحلية والدولية، باعتبارها العقبة الرئيسة أمام الإصلاح والتنمية والاستثمار الصحيح، وسببًا مهمًّا لتوسّع التجارة بالمخدرات والمافيات. وعلى الرغم من أنّ معظم الحكومات والقيادات السياسية تدّعي أنّ برنامجها هو مكافحة الفساد، يبقى هذا الفساد عمليًّا غائبًا كلّ الغياب عن برامج الحكومات والمؤسسات المختلفة، ذلك أنّ القضاء على الفساد ليس بقرار يُتّخذ، بل منظومة من الأعمال والإصلاحات وإعادة بناء أنظمة المجتمعات التعليمية والاجتماعية والإدارية والوطنية.

ولا بدّ من القول في هذا الصدد إنّ أهم أسباب الفساد تُعزى إلى أخطاء في تعيين الموظفين وضعف أنظمة المحاسبة والتحري الداخلية.

وينتشر الفساد عندما يحاول شخص ما وضع مصالحه الخاصة فوق المصلحة العامة، وهو يأتي على أشكال مختلفة؛ إذ هو يشمل سوء استخدام أدوات السياسات العامة وتنفيذ القوانين والعقود، وقد يطال أي من القطاعين الخاص أو العام. كما اتّخذ الفساد في بعض الدول شكل مؤسسات منظمة.

تداعيات الفساد ونتائجه

ربما لا تكون أخطر نتائج الفساد هي هدر المال العام والخاص، بل الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع ويُضعف المؤسسات الحكومية ويسبّب في تراجع أدائها.

مظاهر الفساد المستشرية في العالم العربي

• الرشوة: أي الحصول على أموال أو أي منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل مخالف لأصول المهنة، وهي منتشرة في كثير من الدول.

• المحسوبية: أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي إليها شخص ما، مثل: حزب أو عائلة أو منطقة معينة، حتّى ولو لم يكن يستحقّها، وهي منتشرة في الدول العربية بشكل عام.

• المحاباة: أي تفضيل جهة على أخرى في عمل ما للحصول على مصالح معيَّنة.

• الواسطة: أي التدخل لصالح فرد ما أو جماعة من دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة، مثل: تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء حتّى ولو لم يكن كفوءًا، وهي منتشرة كثيرًا في العالم العربي.

• نهب المال العام: أي الاستحواذ على أموال الدولة والتصرّف بها بشكل سري تحت أغطية مختلفة.

• الابتزاز: أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد.

• غسيل الأموال: هي عملية إخفاء المصدر غير القانوني لهذه الأموال وتحويلها أو دمجها في أي عمل تجاري مشروع.

اقتراحات لمعالجة الفساد

مهما كان تغلغل الفساد وعبقريته، لا يجب الاعتقاد بأنّه من غير النافع مكافحته، فلا يبقى أمام الساعين للإصلاح والنهضة سوى العمل في أي ظرف، وقد تكون أعمال مكافحة الفساد مشروعًا نبيلاً ولكنّها الخيار الوحيد أمام المقاومة والأمل حتى تكون الأجيال والأمم، عندما تتهيأ الفرصة لهزيمة الفساد، قادرة على اقتناصها وتوظيفها.

وللحدّ من تفشّي ظاهرة الفساد، يجب على أفراد المجتمع محاربته بشتّى السّبل والأشكال، عن طريق الالتزام الدّيني والأخلاقي والوطني والإنساني، ومن بين طرق معالجته نذكر:

– سنّ الأنظمة والتشريعات الشّفافة في الأنظمة المضادّة للفساد وتوضيحها، وإنزال أقصى العقوبات على مخالفيها.

– التوعية المجتمعيّة لهذه الظّاهرة الخطيرة، ومدى تأثيرها على المجتمع والأفراد، وتنمية دورهم في مكافحتها والقضاء عليها.

– تخصيص مكافئة ماليّة لمن يقوم بالتبليغ عن حالات الفساد في الدوائر الحكوميّة.

– فرض عقوبات رادعة تناسب كلّ أنواع الفساد، وذلك لعدم تكراره، بشرط أن يكون معلنًا على الملأ للعبرة والعظة.

– خلق فرص عمل مناسبة للمواطنين، من خلال إيجاد كادر وظيفي مناسب لكل فئةٍ من فئات المجتمع، وذلك لتحسين الظّروف المعيشيّة للفرد والمجتمع والبلد.

– تطوير الإبداع وتنميته لدى الموظّفين، ومكافأتهم عليه. وعقد ندواتٍ دينيّة وتوعويّة في الدّوائر الحكوميّة والمدارس والجامعات والقنوات المرئيّة والمسموعة التي تحثّ المواطنين على التّخلص من الفساد الإداريّ ودعمها بالعبر من الأقوام الفاسدة السّابقة ومصيرها.

– تعيين القيادات الشّابة النّشيطة المؤمنة بالتّطوير والتغيّر وأصحاب الكفاءات والمؤهّلات والخبرة العلميّة في مجال العمل وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب.

محمد جلالي