التلوث في لبنان، إلى أين؟

1 يوليو / 2019


Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home/u759968334/domains/almaqala.net/public_html/wp-content/plugins/sitepress-multilingual-cms/sitepress.class.php on line 4222

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home/u759968334/domains/almaqala.net/public_html/wp-content/plugins/sitepress-multilingual-cms/sitepress.class.php on line 4222
Spread the love

يتميّز لبنان بطبيعته الخضراء الخلابة وجباله الشامخة التي تعانق البحر الأبيض المتوسط، كما يتميّز لبنان أيضًا بمزابله التي تزيّن الطبيعة وتجعل من بحره البحر البني المتوسط، فضلاً عن كسّاراته التي تقطع ذراع الجبال فتمنعها من معانقة البحر والبشر.

ليس لبنان البلد الوحيد الذي يعاني من مشكلة التلوث، أكان تلوّث الهواء، أو المياه، أو التربة، ولكن، وللأسف، يبدو أنّ الأشخاص القادرين على حلّ هذه المشكلة هم أصحاب الضمائر التي اشتراها المال وأعمتها المصالح الخاصة.

منذ بضع سنوات بدأت أزمة نفايات كبيرة عقب إغلاق مكبّ الناعمة الذي كان يستقبل معظم نفايات لبنان، وما زال المعنيون حتى اليوم لم يجدوا حلًّا فعليًّا للأزمة؛ فقد اكتفى المسؤولون بطرح حلّ كان بحدّ ذاته مشكلةً جعلت من بحر لبنان مزبلة المتوسط، في خرق للاتفاقيات الدولية كلّها التي تقضي بحماية البحار من التلوّث وحماية الثروة المائية. وكان هذا “الحلّ” الزائف الذي لقي معارضة كبيرة في أوساط اللبنانيين مجرّد طريقة لطمر النفايات وتخبئتها من أمام الأعين مع خرق تامّ للمعايير البيئية.

وإلى تلوّث الهواء؛ تعتبر بيروت من أكثر مدن العالم تلوثًا، ويا للمفاجأة! فبحسب مؤشر معدّل التلوث، احتلّت بيروت المرتبة 23 من بين المدن ذات الهواء الأكثر تلوثًا في العالم. وهو أمر طبيعيّ إن نظرنا إلى زحمة السير التي تحصل يوميًا على مداخل بيروت كلّها وفي المدن اللبنانية كافة، بالإضافة إلى دواخين المصانع، والإحراق غير القانوني للنفايات. لا شكّ في أنّه هناك حلول كثيرة لهذا الأزمة، أولها وأسهلها هو تطوير قطاع النقل العام. ولكن، وبالطبع، تبقى المصالح الفردية والخاصة أهمّ من المصلحة العامة؛فقد تمّ رمي مشاريع تطوير هذا القطاع في أدراج الوزارات ومجلس النواب حفاظًا على مصلحة هذا أو ذاك من أصحاب النفوذ.

أمّا في مجال تلوث التربة والأرض، فالوضع أسوأ، فمياه المجارير تجري على سجيتها من المنازل وصولاً إلى المياه الجوفية والأنهار، لتنسكب أخيرًا في البحر. هذا ويتمّ رمي النفايات بشكل عشوائي في مختلف المناطق من دون حسيب أو رقيب. أضف إلى ذلك العمل العشوائي وغير القانوني للكسارات التي تأكل الجبال وتبتلع الأشجار تاركة مساحات فارغة أشبه بالصحراء تنتظر ملأها بالإسمنت، وتاركة الملايين من الدولارات في جيب أصحابها الذين لا يأبهون بالقانون.

في ظلّ هذا الوضع، وسكوت الشعب، واستباحة أصحاب النفوذ لسلطتهم ومأسسة فسادهم، صدر تقرير جديد عن منظمة الصحة العالمية يوضح أنّ لبنان يحتلّ المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات بمرض السرطان قياسًا بعدد السكان في غرب آسيا. ولكن من يكترث ومن يحاسب؟

والمحزن في كلّ ذلك هو أنّه حين تسنّت الفرصة للشعب اللبناني لمحاسبة المسؤولين على كلّ هذه الفظائع التي يرتكبونها، في الانتخابات النيابية الأخيرة، هرعوا لانتخاب المسؤولين ذاتهم ومكافأتهم، فأعطوهم سلطانًا وسلطة وقدرة على التحكّم بصحتهم وحياتهم ومستقبلهم…من جديد.